كتاب تاريخ القدس - نهائي
جامعة القدس المفتوحة
Nour Hamdan

الوحدة الرابعة: القدس في العهدين الأيوبي والمملوكي

الوحدة الرابعة: القدس في العهدين الأيوبي والمملوكي

جدول المحتويات

  • 1.1 المقدمة
  • 2.1 التمهيد
  • 3.1 مخرجات التعلم
  • 4.1 أقسام الوحدة
  • 5.1 خريطة الوحدة المفاهيمية
  • 2. وصول السلطان صلاح الدين الأيوبي إلى أسوار المدينة المقدسة
  • 2.1 شروط باليان
  • 2.2 شروط الصلح
  • 2.3 جلاء الصليبيين
  • 2.4 الحملة الصليبية الثالثة
  • 2.5 المفاوضات
  • 3. القدس في عهد السلطان صلاح الدين الأيوبي وخلفائه
  • 3.1 الدولة الأيوبية والقدس
  • 3.2 اتفاقية يافا
  • 3.3 الناصر داود
  • 3.4 التنظيمات الإدارية
  • 3.5 المظاهر العمرانية
  • 3.6 مدارس الأيوبيين
  • 4. القدس في العهد المملوكي
  • 4.1 اهتمام السلطان بيبرس
  • 4.2 تنظيمات المماليك
  • 4.3 الوظائف الدينية
  • 4.4 مدارس القدس
  • 4.5 الأسواق
  • 5. الخلاصة
  • 6. قائمة المصادر والمراجع

1.1 المقدمة

1.1 التمهيد

في هذه الوحدة نبين لك عزيزي الطالب الوجه الحضاري لمدينة القدس في العهدين الأيوبي والمملوكي وكيف تحررت من الحملات الصليبية على يد الدولة الأيوبية ودور المماليك في تحرير القدس من الحملات الصليبية.

2.1 مخرجات التعلم

بعد الانتهاء من دراسة هذه الوحدة ستكون قادراً على أن:

  1. تتحدث عن المفاوضات التي جرت بين السلطان الأيوبي صلاح الدين والصليبيين الحاصرين داخل أسوار المدينة.
  2. تناقش موقف الغرب الأوروبي الذي أرسل حملة صليبية جديدة لتنتهي باتفاقية الرملة.
  3. تتحدث عن حال القدس بعد وفاة السلطان صلاح الدين الأيوبي وحتى تولي المماليك مقادير السلطة.
  4. تناقش ما أقدم عليه السلطان الكامل من تسليم القدس للصليبيين.
  5. تتبين إنجازات المماليك في مجالات العمران والإصلاحات والأوضاع الإدارية والمدارس والأسواق في المدينة المقدسة.

3.1 أقسام الوحدة

تتناول الوحدة موضوعات ومفاهيم أساسية في القدس في العهدين الأيوبي والمملوكي، وذلك من خلال تناول ودراسة الموضوعات المرتبطة بأهداف الوحدة.

4.1 خريطة الوحدة المفاهيمية

خريطة الوحدة المفاهيمية توضح العلاقات بين المفاهيم الأساسية في هذه الوحدة.

2. وصول السلطان صلاح الدين الأيوبي إلى أسوار المدينة المقدسة

بعد انتصار صلاح الدين الأيوبي في معركة حطين وتحرير معظم المدن توجه السلطان الأيوبي نحو المدينة المقدسة فوصل أسوارها يوم 20 أيلول 1187م، وركز حشوده في الجهة الشمالية من المدينة بسبب ضعفها. ولما أحس الصليبيون بقوة المسلمين وشدة هجومهم، وأن المدينة المقدسة أصبحت على وشك السقوط أصابهم اليأس، فبادر إلى السلطان صلاح الدين يعرضون عليه تسليم المدينة.

2.1 شروط باليان

شروط باليان دي إبلين - حاكم المدينة الصليبي - لتسليم المدينة المقدسة:

اشترط الحاكم الصليبي على السلطان صلاح الدين لتسليم المدينة له أمرين اثنين:

  1. احترام من في المدينة من الصليبيين.
  2. السماح لمن يرغب منهم بمغادرتها بأمن وسلام.

السلطان الأيوبي يرفض شروط باليان في بادئ الأمر ثم يضطر للقبول بها:

عندما رفض صلاح الدين قبول شروط باليان لتسليم المدينة، هدد الصليبيون بحرق المدينة المقدسة وتخريب مسجد قبة الصخرة المشرفة، وقتل أسرى المسلمين وإتلاف الأموال والممتلكات والاستمرار في الحرب حتى آخر لحظة. وهذا جعل السلطان الأيوبي يجمع كبار مستشاريه حيث انتهى قرارهم بقبول التسليم والمسالمة.

2.2 شروط الصلح

  • أن يدفع باليان عشرة دنانير عن كل رجل وخمسة دنانير عن كل امرأة ودينار واحد عن كل طفل.
  • يعطي الصليبيين مدة (أربعين) يوماً، ومن يدفع خلالها يسمح له بمغادرة المدينة بأمن وسلام، ومن لم يدفع خلال هذه المدة يصبح مملوكاً للمسلمين.
  • سمح صلاح الدين للوطنيين المسيحيين من الشاميين واليونان بالبقاء في المدينة كرعايا.

بنود اتفاقية الرملة:

  1. يكون للصليبيين المنطقة الساحلية من صور شمالاً إلى يافا جنوباً.
  2. تكون عسقلان بأيدي المسلمين، على أن يجري تخريبها.
  3. اللد والرملة مناصفة بين المسلمين والصليبيين.
  4. حرية زيارة النصارى للمدينة المقدسة.
  5. للمسلمين والنصارى الحق في أن يجتاز كل فريق منهم بلاد الفريق الآخر.
  6. مدة الاتفاقية ثلاث سنوات وثلاثة أشهر.

2.3 جلاء الصليبيين

جلاء الصليبيين عن مدينة القدس: استمرت عملية خروج الصليبيين من المدينة حوالي أسبوعين، وبعد جلائهم عنها دخل السلطان صلاح الدين هذه المدينة فاتحاً يوم الجمعة 27 رجب 583 هـ / 1187م. وصادف دخوله القدس ذكرى الإسراء والمعراج.

2.4 الحملة الصليبية الثالثة

قدوم الحملة الصليبية الثالثة بعد تحرير القدس:

وصلت أنباء تحرير المدينة المقدسة إلى الغرب الأوروبي الذي أعد حملة صليبية جديدة عرفت باسم "الحملة الصليبية الثالثة" بقيادة الملك الإنجليزي ريتشارد قلب الأسد والملك الفرنسي فيليب بهدف إعادة الاستيلاء على القدس من جديد، فحاصرت قوات هذه الحملة مدينة عكا 1189م التي سقطت بأيدي الصليبيين بعد عامين من الحصار واستمات المسلمين في الدفاع عنها واستمرت الحروب بين الجانبين حتى تمكن الصليبيون من الوصول إلى القدس وحصارها في محاولة منهم لاستيلاء عليها من المسلمين، ولكنهم فشلوا في تحقيق هذا الهدف، الأمر الذي دفع الملك الإنجليزي ريتشارد قلب الأسد إلى المفاوضات والصلح مع السلطان صلاح الدين الأيوبي.

2.5 المفاوضات

المفاوضات بين الجانبين الإسلامي والصليبي

استمرت المفاوضات بين الجانبين الإسلامي والصليبي "15" شهراً واقتضت "42" وفداً ومفاوضة تنقطع وتتصل، وكان البادئ في طلبها دوماً الملك الإنجليزي ريتشارد، وفي الأشهر الخمسة الأخيرة التي جرى خلالها مفاوضات معقدة توصل الطرفان 1192م إلى توقيع بنود اتفاقية الرملة.

بنود اتفاقية الرملة:

  1. يكون للصليبيين المنطقة الساحلية من صور شمالاً إلى يافا جنوباً.
  2. تكون عسقلان بأيدي المسلمين، على أن يجري تخريبها.
  3. اللد والرملة مناصفة بين المسلمين والصليبيين.
  4. حرية زيارة النصارى للمدينة المقدسة.
  5. للمسلمين والنصارى الحق في أن يجتاز كل فريق منهم بلاد الفريق الآخر.
  6. مدة الاتفاقية ثلاث سنوات ولثلاثة أشهر.

جولة المفاوضات

ستتحدث عن جولة المفاوضات التي عرض فيها الملك الإنجليزي زواج أخته جوانا من الملك العادل للوصول إلى القدس: حيث بدأت إحدى جولات المفاوضات يوم 9 تشرين ثاني بين الملك العادل - أخو السلطان صلاح الدين - والملك الإنجليزي ريتشارد، وفيها كان يصر الملك الإنجليزي على استعادة بيت المقدس والإقليم الواقع غرب الأردن بما فيها من حصون، فضلاً عن تمسكه بعسقلان وعدم التنازل عنها، وهي شروط رفضها السلطان صلاح الدين. وبعد أيام عدة تقدم الملك ريتشارد بمقترحات جديدة، من بينها:

  • أن يتزوج الملك العادل الأميرة "جوانا" أخت الملك ريتشارد.
  • يعطي صلاح الدين أخاه كل ما بحوزته من أراضي في فلسطين، ويمنح قلب الأسد أخته ما بحوزته من المدن الساحلية بما فيها عسقلان.
  • يقيم الملكان في بيت المقدس وتؤول النصارى إلى كنيسة القيامة.

وبالرغم من موافقة السلطان صلاح الدين على هذا العرض، إلا أنه وجد فيه نوعاً من المزاح ويقيناً نوعاً من المكر والخداع، وأن الملك الإنجليزي لن يتمكن من تنفيذ القرارات، وبالفعل ظهرت العقبة والرفض من "جوانا" نفسها التي غضبت عندما علمت بهذا العرض وربطت موافقتها باعتناق العادل النصرانية ولكن العادل رفض ذلك.

3. القدس في عهد السلطان صلاح الدين الأيوبي وخلفائه

بعد تحرير بيت المقدس وتوقيع اتفاقية الرملة 1192م عاد السلطان صلاح الدين إلى دمشق، وفيها أصابه مرض شديد أدى إلى وفاته 1193م ودفن في المسجد الأموي.

3.1 الدولة الأيوبية والقدس

حال الدولة الأيوبية والقدس بعد وفاة السلطان الأيوبي صلاح الدين الأيوبي:

بموت صلاح الدين الأيوبي ثم موت أخيه العادل 1218م عاد الصليبيون يهددون بلاد الشام، وزاد الوضع سوءاً المنافسات والتنافرات بين أبناء البيت الأيوبي الذي هدد مستقبل المدينة المقدسة أكثر من قرن من الزمان، ووصل الأمر إلى نزوح معظم السكان المسلمين وبعض النصارى الشرقيين من المدينة إلى أماكن جديدة طلباً للأمن والأمان.

3.2 اتفاقية يافا

اتفاقية يافا 1229م:

في عام 1229م، دخلت مدينة بيت المقدس في مرحلة خطيرة، بسبب الخلافات والخصومات بين أبناء البيت الأيوبي في دمشق والقاهرة وهي الخصومات التي أضعفت الجبهة الإسلامية، اتخذ السلطان الكامل قراراً خطيراً، فقد بدأ الكامل مفاوضات مع الإمبراطور الألماني فردريك الثاني انتهت بتسليم المدينة المقدسة للإمبراطور باستثناء منطقة الحرم القدسي، وكانت الذريعة الأساسية التي تذرع بها الكامل هي عجزه عن الدفاع عن المدينة.

بنود اتفاقية يافا 1229م:

  1. حددت الاتفاقية بعشر سنوات وخمسة أشهر.
  2. تسليم مدينة القدس لفردريك الثاني شريطة عدم تجديد أسوارها.
  3. تبقى القرى الواقعة حول القدس بيد المسلمين.
  4. يبقى المسجد الأقصى بيد المسلمين شريطة ألا يحمل فيه سلاحاً.
  5. يعطى الصليبيون إضافة إلى القدس بيت لحم والناصرة وصيدا وطريق من القدس إلى يافا.

3.3 الناصر داود

الناصر داود والخوارزمية يستردون القدس من الصليبيين:

امتدت سيطرة الصليبيين على القدس عشر سنوات 1239م إلى 1229م، لكنهم لم يستطيعوا تثبيت سلطتهم فيها، وفي عام 1239م تمكن الناصر داود الأيوبي ملك الكرك من استرداد المدينة، وبعد أربع سنوات من تحريرها عاد الصليبيون إلى القدس، ولكنهم قبل أن يستقروا فيها استردها الخوارزمية 1244م، ومنذ ذلك الحين أصبحت المدينة المقدسة نهائياً تحت الحكم الإسلامي.

3.4 التنظيمات الإدارية

التنظيمات الإدارية في القدس في العهد الأيوبي:

استحدث الأيوبيون في بيت المقدس بعد تحريره من الصليبيين تنظيمات إدارية عدة، من بينها:

  • الولاية والوالي: ومهمته إدارة المدينة وتحميرها وقيادة قوافل الحج.
  • النائب: ينوب عن الوالي في إدارة القدس أثناء غيابه.
  • الناظر الشرعي: المختص بالإوقاف ومراقبة مسؤولية الوظائف الوقفية.
  • القضاء: على المذهب الشافعي.
  • وكيل بيت المال: يتولى مبيعات بيت المال ومشترياته.

3.5 المظاهر العمرانية

مظاهر الأيوبيين العمرانية:

بعد تحرير المدينة المقدسة، قام السلطان صلاح الدين الأيوبي بالإصلاحات العمرانية الآتية:

  • تطهير بيت المقدس من الإضافات العمرانية التي أقامها الصليبيين وأزال الصليب من على قبة الصخرة المشرفة، كما أزال الرسوم والصور وجميع مقابر الصليبيين المجاورة للحرم القدسي.
  • أحضر المنبر الذي صنع في عهد نور الدين زنكي ووضعه في المسجد الأقصى.
  • أنشأ بيمارستان (مستشفى) للمرضى في كنيسة القديس يوحنا قرب كنيسة القيامة.
  • أعاد بناء سور المدينة ورمم أسوارها.
  • إنشاء بعض المدارس.

3.6 مدارس الأيوبيين

أشهر مدارس الأيوبيين في القدس:

  • المدرسة الصلاحية: لتدريس الفقه الشافعي، أقيمت في كنيسة القديسة حنة 1192م
  • المدرسة الأفضلية: أنشأها الأفضل أكبر أبناء صلاح الدين على المذهب المالكي، وتقع في حارة المغاربة.
  • المدرسة المجاهدية والمدرسة النحوية: لتعليم اللغة العربية التي سميت بالمدرسة النحوية والمدرسة البيمارستان الواقعة وسط المدينة القديمة، وهي مدارس أنشأها الملك المعظم عيسى بن الملك العادل.

*المدرسة النحوية أنشأها الملك المعظم عيسى 1207م. وخصصها لتدريس اللغة العربية. اتخذها المجلس الإسلامي الأعلى مؤخراً مقراً للكتابة، ثم اتخذت مقراً للمكتب المعماري الهندسي إصلاح قبة الصخرة المشرفة، وهي الآن مكتب من مكاتب لجنة إعمار المسجد الأقصى.*

4. القدس في العهد المملوكي

خلف المماليك دولة بني أيوب في حكم مصر والشام 1250م الذين استهلوا حكمهم في التصدي لأعظم خطرين، وهما: التتار والصليبيين، وظهر ذلك بانتصراهم الكبير على التتار في معركة عين جالوت 1260م وطرد الصليبيين من فلسطين 1291م.

4.1 اهتمام السلطان بيبرس

اهتمام السلطان بيبرس وخلفاؤه بالمدينة المقدسة:

  • قام الظاهر بيبرس بزيارة المدينة المقدسة مرتين وخصص مبلغاً من المال قدره خمسة آلاف درهم في السنة لإنفاقها على المسجد الأقصى.
  • جدّد ما تهدم من قبة الصخرة المشرفة وشيد خلاءً للمبيت.
  • اهتم خلفاء الظاهر بيبرس بالمسجد الأقصى وقبة الصخرة المشرفة فقاموا فيها بأعمال الترميم والإصلاح، وأقاموا في الحرم القدسي الأروقة والأواوين.
  • تعمير البرك ومنها بركة السلطان، وإنشاء سبعة أسبلة لتوفير الماء في المدينة وأسواقها.
  • في عهده تم إنشاء دار الحديث على طريق باب السلسلة.

4.2 تنظيمات المماليك

تنظيمات المماليك الإدارية في بيت المقدس:

  • نائب السلطنة: ينوب عن السلطان ويشرف على شؤون الجيش وبيت المال، وناظراً في المسجد الأقصى.
  • نائب القلعة: يتولى صيانة قلعة المدينة وحفظها وترتيب الجنود الذين يتولون حراستها والدفاع عنها.
  • والي المدينة: يقوم بالحفاظ على توفير الأمن ومعاقبة الخارجين عن القانون.
  • الحاجب: من اختصاصاته فض المنازعات والخلافات بين عامة الناس.
  • الديوان: النظر في شكاوى الناس التي ترفع إلى السلطان.

4.3 الوظائف الدينية

  • ناظر الحرمين الشريفين في القدس والخليل للعناية بأوقافهما ورواتب العاملين فيهما.
  • القضاة: سار المماليك على المذهب الشافعي، ثم استحدثت في القدس مناصب قضائية على المذاهب الحنفية والمالكية والحنبلية.
  • خطيب المسجد الأقصى.
  • مشرف المدرسة الصلاحية للاهتمام بالمتوظفين والمدرسين في المدارس المملوكية.

4.4 مدارس القدس

أشهر مدارس القدس في العهد المملوكي:

حظيت مدينة القدس باهتمام سلاطين المماليك في مجال العلوم والآداب التي تطورت كثرة، فكان طلاب العلم يؤمون القدس من جميع أنحاء العالم الإسلامي، حيث شكل المسجد الأقصى مركز التعليم الرئيس، بالإضافة إلى المدارس الكثيرة التي أقيمت في المدينة وبلغ عددها حوالي (27) سبع وعشرين مدرسة، نذكر منها على سبيل المثال:

  • المدرسة الأشرفية: أسسها السلطان المملوكي قايتباي وعرفت باسم المدرسة السلطانية.
  • المدرسة التنكزية: أسسها الأمير تنكز الناصري وتقع عند باب السلسلة.
  • المدرسة الأرغونية: بناها الأمير أرغون الكاملي.
  • المدرسة المنجكية: شيدها الأمير سيف الدين منجك، وتقع في طرف الحرم من الناحية الغربية.

4.5 الأسواق

أسواق المدينة المقدسة في العهدين الأيوبي والمملوكي:

وجد في المدينة المقدسة في هذه الفترة التاريخية مجموعة من الأسواق المتنوعة والمتخصصة، منها:

  • سوق القطاني
  • سوق العطارين
  • سوق الصفارين
  • سوق المنسوجات والقماش
  • سوق الزيت
  • سوق السماد

وعرفت القدس عدداً من الأسواق الموسمية التي ارتبط بعضها بقدوم المسلمين من مختلف البلدان الإسلامية وقدوم الحجاج المسيحيين، حيث تشير كثير من المراجع إلى أنه أمام الباب الرئيس لكنيسة القيامة كان يوجد فناء كبير يقام فيه سوق موسى عند مقدم الحجاج المسيحيين، حيث تباع الحيوانات والسلع والتوابل الشرقية.

كما عرفت القدس كثيراً من الأسواق "الأسبوعية" التي كانت تقام كل أسبوع، فيقصدها أهل الريف أو البدو المدينة، يبيعون فيها محاصيلهم ويشترون ما يحتاجون إليه، كسوق الجمعة، وكان لكل سوق "شيخ" ينتخب من بين أعيان التجار، وكان مسؤولاً عن النظام ومنع الغش وجمع الضرائب.

5. الخلاصة

تناولنا عزيزي الطالب في هذه الوحدة موقع وجغرافية القدس وخصوصاً طبيعتها الجبلية ومناخها المتسم بالاعتدال ووفرة الأمطار، كما تم الحديث عن مواردها المائية وسيطرة إسرائيل عليها، ضمن سياستها التهويدية الهادفة إلى تهويد القدس. كما تم الحديث عن تاريخ القدس في العصور القديمة والحضارات التي مرت بتاريخ هذه والاحتلالات التي تعاقبت عليها حتى الفتح الإسلامي لها في عهد الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه.

6. قائمة المصادر والمراجع

  • جامعة القدس المفتوحة، تاريخ القدس، فلسطين، 2016م.

ملخص الوحدة الرابعة

  • تحرير القدس تم بعد حصار 1187م واتفاق صلاح الدين مع باليان مع ضمان أمن السكان مقابل الفدية والمهلة.
  • اتفاقية الرملة 1192م ثبتت واقعاً ساحلياً للصليبيين مع بقاء القدس للمسلمين وحرية زيارة النصارى.
  • الدولة الأيوبية أعادت التنظيم الإداري والعمراني؛ رممت الأسوار وأقامت المدارس مثل الصلاحية والأفضلية.
  • المماليك عززوا الحكم بتعيينات إدارية (نائب السلطنة، الديوان) واهتموا بالحرم، الأسبلة، والأسواق التخصصية.
  • المدارس في العهدين شكلت نواة علمية (الأشرفية، التنكزية، المنجكية) وجذبت طلاب العلم من أنحاء العالم الإسلامي.

الوحدة الخامسة: القدس في العهد العثماني

جدول المحتويات

  • 1.1 المقدمة
  • 1.1 التمهيد
  • 2.1 مخرجات التعلم
  • 3.1 أقسام الوحدة
  • 4.1 خريطة الوحدة المفاهيمية
  • 2. الإدارة العثمانية في القدس
  • 2.1 الفتح العثماني
  • 2.2 التقسيمات الإدارية
  • 2.3 المجلس البلدي
  • 2.4 الفرق العسكرية
  • 3. الحياة الاقتصادية والاجتماعية في العهد العثماني
  • 3.1 الصناعة
  • 3.2 الأسواق والخانات
  • 3.3 الأوضاع الاجتماعية
  • 3.4 التنافس الأجنبي
  • 4. العناصر المعمارية في القدس
  • 4.1 سور القدس
  • 4.2 قلعة القدس
  • 4.3 السرايا
  • 4.4 الأماكن الدينية المسيحية
  • 5. واقع التعليم في صدر العصر العثماني
  • 5.1 المدارس
  • 5.2 الزوايا والأربطة العلمية
  • 5.3 مكاتب تعليم الأطفال
  • 5.4 التكايا
  • 6. الخلاصة
  • 7. قائمة المصادر والمراجع

1.1 المقدمة

1.1 التمهيد

تناقش هذه الوحدة الفتح العثماني للمدينة عام 1516م والتشكيلات الإدارية للمدينة والنشاط العمراني كالسرايا بالإضافة إلى الحمامات والتكايا التي بقيت معالمها حتى يومنا هذا.

2.1 مخرجات التعلم

بعد الانتهاء من دراسة هذه الوحدة ستكون قادراً على أن:

  1. تتحدث عن أعمال العثمانيين في القدس الشريف.
  2. تناقش دور العثمانيين في الحفاظ على القدس.
  3. تناقش أهمية دور سور القدس في الحفاظ على طابع المدينة الحضاري.
  4. تعدد مختلف المؤسسات الدينية والاجتماعية والاقتصادية في القدس خلال العصر العثماني.

3.1 أقسام الوحدة

تتناول الوحدة موضوعات ومفاهيم أساسية في العهد العثماني، وذلك من خلال تناول ودراسة الموضوعات المرتبطة بأهداف الوحدة.

4.1 خريطة الوحدة المفاهيمية

خريطة توضح العلاقات بين المفاهيم في الوحدة.

2. الإدارة العثمانية في القدس

بعد أن استقرت الدولة العثمانية أمرها شرعت في تقسيم بلاد الشام إلى ولايات متعددة وتم تقسيم كل ولاية إلى مقاطعات.

2.1 الفتح العثماني

الفتح العثماني للقدس 1516م:

تمكنت الدولة العثمانية من السيطرة على بلاد الشام، إثر معركة مرج دابق 1516م، وبعد أن وصل السلطان سليم الأول نابلس أرسل عشرة آلاف جندي لفتح القدس، ودخولها في العام ذاته، ثم تُعَيَّن أول حاكم إداري للقدس من العثمانيين وهو إسكندر بن أردوس، بعد ذلك زارها السلطان قبل أن يتوجه لفتح مصر حيث دخلها دون قتال.

أعمال السلطان سليم بعد دخول القدس:

  • عند وصوله إلى مشارف القدس خرج أهل القدس من الأعيان والعلماء والوجهاء لاستقباله والترحيب به وسلموه مفاتيح المسجد الأقصى الشريف وقبة الصخرة، ثم سجد السلطان شاكراً الله تعالى على هذه النعمة.
  • بدأ بزيارة الأماكن المقدسة ثم اطلع على شؤونها وأمر ولاته بتنظيم أحوالها.
  • قام بإكرام أهلها والتودد إليهم ومنحهم الأعطيات والهدايا النفيسة.

2.2 التقسيمات الإدارية

التقسيمات الإدارية للقدس:

بعد أن استقرت الدولة العثمانية أمر القدس شرعت في تقسيم بلاد الشام إلى ثلاث ولايات، هي: ولاية حلب وولاية دمشق وولاية طرابلس، وتم تقسيم كل ولاية إلى مقاطعات، عرفت بالسنجق (السنجق) أو الألوية (اللواء)، وكانت القدس لواءً من بين أحد عشر لواءً كانت تابعة لولاية دمشق الشام، وأصبح لكل لواء إدارته الخاصة به، كما قسم كل سنجق إلى عدد من النواحي، وكل ناحية تضم مجموعة من القرى، وكانت القرية أصغر الوحدات الإدارية، وقد ضمّ لواء القدس في بداية الحكم العثماني نواحي هي: ناحية القدس وناحية الخليل وناحية بني زيد، وناحية العروب، وناحية الغور.

التشكيلات الإدارية:

نظراً لطول الفترة التي حكم فيها العثمانيون والتي وصلت إلى أربعة قرون كان من الطبيعي أن تتباين التشكيلات الإدارية خلال هذه القرون، وهي:

  • لواء القدس (1841-1516) عرفت باسم لواء لأنه كان على رأس حكمها والي وعندما تغير اللقب من والي إلى متصرف أصبحت متصرفية.
  • ولاية القدس الشريف (1864-1841م).
  • متصرفية القدس (1869-1864م).
  • متصرفية مستقلة (1918-1874م). في هذه الفترة كانت تقسم إلى خمسة أقضية هي: الخليل والقدس وغزة ويافا وبئر السبع.

صلاحيات حاكم القدس

  • إشاعة الأمن والأمان وحفظ النظام العام في مدينة القدس ونواحيها.
  • المشاركة في إعداد قافلة الحج الشامي حيث كان الوالي يكلف حاكم لواء القدس بحماية القافلة ذهاباً وإياباً.
  • جمع الضرائب المفروضة من السكان وتأمين وصولها إلى العاصمة.
  • الحرص على استقرار الأوضاع الاقتصادية في المدينة من خلال ضبط الأسواق وضمان جودة البضائع فيها، والتنبيه على أصحاب الطوائف الحرفية بأن يلتزموا بالقانون المعمول به.

2.3 المجلس البلدي

أول مجلس بلدي بعد العاصمة إسطنبول:

  • تكريماً لمكانة القدس الدينية قامت الدولة العثمانية سنة 1863م بتشكيل المجلس البلدي، وقد جاء ذلك بأمر من السلطان العثماني. وتشكل المجلس من جميع طوائف المدينة برئاسة عبد الرحمن الدجاني.
  • بعد صدور قانون البلديات العثماني عام 1877م، بدأ تشكيل المجلس من خلال الانتخاب، فكل مقدسي أتم 25 سنة له حق الانتخاب وأن يدفع ما عليه من ضرائب.
  • بموجب ذلك تشكل المجلس من 12 عضواً لمدة 4 سنوات.
  • أبرز الذين تولوا منصب رئاسة المجلس هو: يوسف الخالدي.

2.4 الفرق العسكرية

الفرق العسكرية

  • عسكر الأرناؤوط: وهي الفرق العسكرية التي تعرف بالسياهية حيث كانت تمنح إقطاعاً من الأرض مقابل تقديم خدمات عسكرية للدولة.
  • العسكر النظامي ومقره في القلاع الموجودة في القدس ونواحيها وهي: قلعة القدس وقلعة الخليل، وقلعة بيت جبرين، وقلعة برك سليمان قرب بيت لحم.

وظائف أخرى في الدولة العثمانية

  • المفتي: يترأس شيخ الإسلام على رأس جهاز الإفتاء في الدولة العثمانية، وكان له نواب في جميع المدن، وقد تقدم المفتي الحنفي على غيره من المذاهب الأخرى كون الدولة العثمانية كانت تعتمد الحنفية منهجها الرسمي.
  • نقيب الأشراف: هو الشخص الذي توكل إليه الإشراف ومتابعة قضايا آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم داخل القدس، يذكر أن الدولة العثمانية أولت هذه الأسرة اهتماماً بالغاً، فمنحتهم حقوقاً وامتيازات لم تحظَ غيرها، وكان للأشراف نقابة عامة مقرها إسطنبول.
  • شيخ الحرم القدسي: ومن مهامه الإشراف على الحرم القدسي بما فيه قبة الصخرة والمسجد الأقصى وساحاته وأبوابه وضمان سير أموره على ما يرام، حتى تتحقق الخدمة الدينية داخل الحرم.

3. الحياة الاقتصادية والاجتماعية في العهد العثماني

تم بناء جهاز إداري للنظام الاقتصادي في القدس عرف بالطوائف الحرفية كما شهدت أعداد السكان تذبذباً خلال العصر العثماني وذلك لأسباب طبيعية وبشرية.

3.1 الصناعة

تعد الصناعة على قدر عالٍ من الأهمية، كونها تلبي احتياجات أساسية للسكان، فكانت الصناعات الغذائية والنسيجية والمعدنية والجلدية...إلخ، وقد تم بناء جهاز إداري للنظام الاقتصادي في القدس عرف بالطوائف الحرفية، وهي أن يتم تنصيب شيخ لكل طائفة يعمل على تصريف أمورها وينظم علاقاتها، ومن المهن التي درجت في هذه الطوائف: الحلوانية والدباغة والنساجون، والصاغة...إلخ.

ومن أبرز الصناعات التي كانت منتشرة في القدس صناعة الصابون، وصناعة المنسوجات، حيث كان لها رواجاً كبيراً حتى أنها كانت تصدر إلى البلدان المجاورة لا سيما مصر وقبرص.

3.2 الأسواق والخانات

عبارة عن مجموعة من الدكاكين تصطف على جانبي بعض الشوارع داخل المدينة معقودة سقوفها ويتخللها فتحات لدخول الضوء، للتخفيف على المارين فيها صيفاً وشتاءً، وكان لكل سوق مدخلان يغلقان ليلاً، أما أسواق القدس في هذا العصر فهي:

سوق النجار، سوق القطان، سوق الخضار، سوق الصرف، سوق العطارين، سوق الحلاّقين، سوق الفخر، السوق الكبير.

الخان:

عبارة عن مبنى كبير يتكون من عدد من العناصر المعمارية كل واحد منها له وظيفة معمارية وإنشائية، ومنها: خان الزيت، خان القادرية، خان العمرة العامرة، خان الفحم، خان الوكالة.

3.3 الأوضاع الاجتماعية

بلغ عدد سكان القدس في القرن السادس عشر 14000 نسمة، وقد شهدت أعداد السكان تذبذباً خلال العصر العثماني وذلك لأسباب طبيعية وبشرية منها انتشار الأمراض وتدني مستوى الخدمات الطبية فضلاً عن الكوارث التي كانت تعصف بالمنطقة بين الفينة والأخرى.

يذكر أن أكبر خلل في عدد السكان كان في السنوات الأخيرة من الحكم العثماني حيث الحرب العالمية الأولى وحالة الجفاف وانتشار الجراد والأمراض التي فتكت بأعداد كبيرة من السكان.

3.4 التنافس الأجنبي

التنافس الأجنبي في القدس: يظهر في أواخر العهد العثماني أن وتيرة التواجد الأجنبي تبلغ متسارعة بصورة لافتة للنظر حيث تمثل ذلك ببداية فتح القنصليات الأجنبية في القدس وكان أولها القنصلية البريطانية 1838م بعد أن سمح لهم محمد علي باشا بذلك، الذي كان في حينه مسيطراً على بلاد الشام جميعها، ومن ثم تنافست دول أخرى على فتح قنصليات لها ومن بينها روسيا، وقد تصاعدت أنشطة هذه القنصليات في رعاية مصالح بلادها في القدس، والحصول على المعلومات الاستخباراتية عن هذه البلاد فضلاً عن مراقبة أنشطة الدول الأخرى.

موقف الدولة العثمانية من النشاط الأجنبي في القدس:

  • قامت الدولة العثمانية بداية بمعالجة الضغوط السياسية التي كان يمارسها سفراء الدول الأجنبية ومحاولة حشداتها العسكرية، وفوق ذلك كانت المشاكل الاقتصادية سبباً في تأخر الدولة العثمانية في إصدار موقفها من السياسات الأجنبية، لكنها قامت في النهاية بمنع أو حتى منع إصدار تراخيص لقنصليات وشراء الأراضي لأبناء القنصليات، كما ساندت السكان في نشاطهم في مواجهة سياسات الدول الأجنبية.
  • كانت الحرب العالمية الأولى فرصة العثمانيين في منع نشاط التواجد الأجنبي في القدس على ضوء تحالفها مع ألمانيا، فجمدت النشاط القنصلي باستثناء قنصلية أمريكا وألمانيا الحليفة لها.

مرسوم محمد علي باشا:

هل تعلم: المرسوم الذي أصدره محمد علي باشا لمنع اليهود من إجراء أية تغييرات بالقرب من حائط البراق الشريف في مدينة القدس.

4. العناصر المعمارية في القدس

قام العثمانيون بالحفاظ على سلامة المسجد الأقصى، والعمل على تقديم كل ما يحتاج إليه من تعميرات وإصلاحات وفرش وقناديل وغيرها، وتم بناء سور القدس الذي يعتبر لوحة معمارية عثمانية وفي النصف الثاني من القرن التاسع عشر بدأ النشاط العمراني خارج أسوار المدينة.

4.1 سور القدس

يعد سور القدس لوحة معمارية عثمانية بامتياز، فقد ثبت حسب ما هو مسجل في اللوحات التأسيسية المثبتة على سورها أن الذي أمر ببنائه هو السلطان سليمان القانوني في الفترة (1541-1537). ويبدو أن السلطان كان يرغب في النهوض بالقدس وإعادة مجدها بعد ركود أصابها أواخر العهد المملوكي، كما أن الهاجس الأمني كان سبباً آخر في بناء هذا السور حيث لا بدّ من الأمن كحاجة مهمة للاستقرار، كما أن المكانة الدينية للقدس تجعل من بناء هذا السور أمراً ملحاً.

البناء خارج أسوار المدينة

بدأ الانتشار العمراني خارج الأسوار في النصف الثاني من القرن التاسع عشر وكان من أهم الأسباب التي دفعت السكان لذلك زيادة أعداد السكان بفعل الزيادة الطبيعية والهجرة الوافدة، وتحسن الأوضاع الأمنية ومن ثم ارتفاع مستوى المعيشة بفعل تحسن مستويات الدخل فضلاً عن استعمال مواد البناء الحديثة المستوردة من الأسواق الأجنبية.

أبواب سور القدس:

  • باب العمود، ويعرف أيضاً بباب نابلس، وباب دمشق، وهو الباب الرئيس للقدس ويقع في الجدار الشمالي للقدس.
  • باب الساهرة: يقع في الجدار الشمالي، ويصل إلى حارة السعدية وحارة باب حطة.
  • باب الأسباط: وهو الباب الوحيد المفتوح في السور الشرقي للقدس حيث يصل ما بين المدينة وطريق أريحا عبر وادي جهنم.
  • باب النبي داود وباب الخليل: باب الخليل في القدس بجوار القلعة وباب المغاربة في الجدار الغربي للمدينة، وكذلك الباب الجديد وهو باب استحدث في السور في سنة 1899م. وكان الهدف منه تسهيل التنقل ما بين المدينة والأحياء الجديدة التي أقيمت خارج السور.

4.2 قلعة القدس

تقع القلعة على صخرة مرتفعة بعض الشيء في القسم الغربي الجنوبي من المدينة بين باب الخليل وباب النبي داود حيث تشرف على القسم الغربي الجنوبي.

ويشير النقش التذكاري على باب القلعة إلى أن الذي بنى القلعة هو السلطان سليمان القانوني، في حين أشار الرحالة التركي أوليا جلبي أن من بناهما كان السلطان سليم العثماني، وهذا يظهر أن إعادة تجديد القلعة كان في العهد العثماني، في حين أشارت مصادر سابقة لهذه الفترة أن الذي شيدها هو السلطان المعظم عيسى الأيوبي، يذكر أن القلعة شهدت أكثر من مرحلة لإعادة أعمارها.

4.3 السرايا

السرايا مفردها سراي تعني القصر (وتعني الفرقة العسكرية) القصد أصل التسمية (مقر الحكومة المحلية)، تقع في وسط المدينة تجاه باب الناظر حيث كان مقراً للحكومة وأجهزتها التنفيذية والعسكرية وعلى رأسها المتصرف، وفي عام 1914م جعل القائد العسكري العثماني القدس مقراً له بدلاً من دمشق حيث جهة القتال مع الحلفاء، واتخذ من عمارة الألمان على جبل الزيتون مقره المعروف بالطائفي الذي بناه الإمبراطور الألماني 1910م تكريماً لزوجته، وما أن دخلت الحرب حتى شهدت القدس إنشاء أول مطار فيها قرب جبل المشارف حيث حطت أول طائرة بها ضابط تركي وآخر ألماني، وكان المطار الثاني هو مطار قلنديا الذي افتتح في العشرينات من القرن الماضي.

هل تعلم: أن أول خط سكة حديد في الشرق الأوسط كانت بين يافا والقدس وكان ذلك سنة 1892م.

4.4 الأماكن الدينية المسيحية

الاهتمام بالأماكن الدينية المسيحية:

مارست الدولة العثمانية سياسة حالة من التسامح الديني تجاه الطوائف النصرانية، وكانت تحرص دائماً على إتمام مشاريع الإعمار والصيانة والترميمات للأماكن الدينية كافة والمقدسة للمسيحيين من خلال العديد من وثائق الترخيص وحالات الكشف والمعاينة التي أشارت لها المصادر التاريخية، ومنها ما جرى على كنيسة القيامة في القدس وكنيسة المهد في بيت لحم.

وثيقة المقبرة اليهودية: هل تعلم: أن المقبرة اليهودية على جبل الزيتون أقيمت على أرض للأوقاف الإسلامية "المدرسة الصلاحية"، وهذا ورد ضمن الوثيقة المرفوعة من سجلات المحكمة الشرعية في القدس.

5. واقع التعليم في صدر العصر العثماني

شهد بداية العهد العثماني انتعاشاً للتعليم من خلال تفعيل أداء المدارس القديمة واستحداث مدارس أخرى، وكذلك الاهتمام بالأربطة والزوايا.

5.1 المدارس

شهد بداية العهد العثماني انتعاشاً للتعليم من خلال تفعيل أداء المدارس القديمة واستحداث مدارس أخرى كانت المدينة بحاجة لها، ومنها المدرسة الرصاصية والمدرسة الختنية التابعة لتكية العمرية العامرة في القدس، وقد جاء هذا الانتعاش بفضل الأعمال الجليلة التي قدمتها الدولة العثمانية لا سيما ما قام به السلطان سليمان القانوني الذي ساعد في تحسين الوضع الأمني وسهل الاستقرار فيها وخصها بأعطيات نقدية سنوية جعلت منها مقصداً للعلماء والطلاب والعباد من كل الديار.

وبعد حصر المدارس التي كانت عامرة في صدر العصر العثماني وجد فيها أكثر من 50 مدرسة كانت عامرة يرتادها طلبة العلم وبها من المدرسين والمشايخ ما يجعل منها منارة علم لقاصديها.

التعليم في أواخر العهد العثماني:

  • حظيت القدس باهتمام الإدارة العثمانية لا سيما التعليم لما له من دور في تطور هذه المدينة حتى تكون على معرفة تامة بما يحاك لها من مؤامرات تستهدف حاضرها ومستقبلها، فقامت في البداية بتنظيم التعليم في القدس من خلال تعيين أول مدير معارف في القدس هو أحمد أفندي وهو من وزارة المعارف، كلف بإعادة إصلاح المدارس المتهالكة، ومن ثم إنشاء المدارس الحديثة ومنها مدارس رشيدية 6 للذكور والإناث في القدس 70 مدرسة في القرى والنواحي 30 في قصبة الخليل وقراها 47 في قصبة غزة.
  • كما يظهر أن القدس كانت من أوائل المدن التي ظهرت فيها المدارس الإعدادية وذلك سنة 1890م، وكذلك المدارس الرشيدية وهي المرحلة المتوسطة بين الابتدائي والإعدادي، وقد تم تحويل المدرسة الإعدادية في سنة 1913م إلى مدرسة سلطانية وهو الشكل المتطور من المدرسة الإعدادية، وكانت مدة الدراسة فيها 7 سنوات، درس فيها 174 طالباً.

5.2 الزوايا والأربطة العلمية

أولاً: الزاوية: لقد كانت مدينة القدس في القرن 11هـ/17م، مَحَطّ أنظار المسلمين المتعبدين من زهاد ومتصوفة وطالبي علم وغيرهم من جميع الأقطار والأقاليم، فمنهم المصري والشامي والتركماني والفارسي، ونستدل على ذلك من أسمائهم والأماكن التي سكنتها هذه الجماعات، ومنها الزوايا.

تكون أهمية هذه الزوايا في القدس كونها تعطي قداسة ومكانة روحية لا تتوفر في مواقع أخرى حيث أرض الإسراء والمعراج، ومهد الديانات السماوية، علماً أن الزائر يستطيع أن يجد هذه الأماكن حينما هو موجود دون أن يعاني صعوبات السفر وتعبها، فكان السافر يشعر بسعادة كبيرة حينما يذهب إليها، لأنه ينال بركة الصلاة في المسجد الأقصى وقبة الصخرة وزيارة مقامات الأنبياء والأولياء والصالحين، كما يستزيد الزائر من العلم والمعرفة إذا ما وصل الحرم القدسي.

وتتكون الزاوية من عناصر معمارية هي: غرف للإقامة والتدريس والذكر ومسجد ومطهرة للاغتسال والوضوء ومقبرة (مقبرة) يدفن بها شيخ الزاوية وبعض أتباعه، أحياناً تكون عبارة عن مغارة أو كهف واسع لا يوجد له أي بناء.

ثانياً: الرباط هو اصطلاح ظهر في العصور الإسلامية الأولى، وقد عرف على أنه المكان الذي يتجمع به المسلمين لمواجهة الأعداء من أجل الاستعداد المستمر، وعدم الغفلة في أمرهم، لذلك لا تكاد تخلو مدينة أو قرية في فلسطين إلا فيها رباط أو أكثر، سواء عرف بهذا الاسم أو غيره، بعد ذلك أصبح المصطلح يأخذ بعداً دينياً، فبدأ الكثير من أهل الزهد والتصوف التوجه إلى هذه الأماكن للطاعة والتعبد.

ومن أشهر أربطة القدس العامرة خلال العصر العثماني: رباط بيرم جاويش، الرباط الحموي، رباط الكرد، الرباط الأرمي.

5.3 مكاتب تعليم الأطفال

مكاتب تعليم الأطفال وتأديبهم: شهد العصر العثماني نمواً في عدد هذه المكاتب حيث زادت عما كانت عليه أيام العصر المملوكي، وقد خصصت هذه المكاتب لتعليم الأطفال وتأديبهم مع قدرة مبكرة من العلوم، ليكونوا مهيئين للانخراط بالمؤسسات التعليمية الأخرى، ومهمتها تتركز في تقديم العلوم الأولية للأطفال من قراءة القرآن والكتابة والخط والإملاء.

ومن أهم المكاتب التي أسست في هذا العصر: مكتب بيرم جاويش في شارع وادي الطواحين، ومكتب درغوث آغا، ومكتب الطواشي، ومكتب توفيق أفندي في باب السكينة أحد أبواب المسجد الأقصى.

5.4 التكايا

التكية: هي المكان الذي يسكنه الدراويش الذين يقضون وقتهم في العبادة والذكر، وتُقَدَّم لهم فيها وجبات من الطعام باستمرار، ومع مرور الوقت اختفى المعنى الأول وأصبح يطلق على المكان الذي تقدم فيه الوجبات الشعبية المجانية للفقراء والزوار للمسجد الأقصى والعاملين فيه.

ومن أهم التكايا التي عرفتها القدس تكية العمرية العامرة التي أنشأتها خاصكي سلطان، زوجة السلطان سليمان القانوني سنة 1551م، وتعد من أهم المنشآت التي أقامها العثمانيون في بلاد الشام بعامة والقدس بخاصة. حبست عليها أوقافاً كثيرة داخل لواء القدس وخارجه حتى تبقى عامرة، وقد استمرت في تقديم الوجبات الساخنة لأهل القدس من الفقراء والعلماء القادمين من بلاد مختلفة، يذكر أنها ما تزال عامرة إلى اليوم.

6. الخلاصة

إلى هنا أعزائي الطلبة تكون قد استوفينا وإياكم الحديث عن أوضاع القدس خلال العصر العثماني، هذا العصر الذي شهد تغيرات مفصلية في مختلف جوانب الحياة في القدس الإدارية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية، والتي كان لها أكبر الأثر في مستقبل القدس الشريف في الحقب التاريخية اللاحقة، حيث تم التركيز في هذه الوحدة على الترتيبات الإدارية في القدس ومن ثم الإضافات العمرانية التي أحدثها العثمانيون في القدس لأهمها في المدينة والمسجد الأقصى، ومن ثم تم معالجة الجوانب الاقتصادية وأهم التحولات التي برزت خلال هذا العصر، وقد جاء التركيز بعد ذلك على الحالة العلمية التي عاشتها المدينة مع إبراز الدور العلمي والفكري الذي قامت به القدس خلال تلك العصر.

7. قائمة المصادر والمراجع

  • جامعة القدس المفتوحة، تاريخ القدس، فلسطين، 2016م.

ملخص الوحدة الخامسة

  • الفتح العثماني 1516م أرسى إدارة لوائية للقدس مع تعيين حكام وتدرج إداري حتى المتصرفية المستقلة.
  • المجلس البلدي المقدسي تأسس مبكراً (1863م) بمشاركة طوائف المدينة وتطور بانتخابات بعد قانون 1877م.
  • اقتصاد القدس اعتمد على الطوائف الحرفية والصناعات كالصابون والمنسوجات، وأسواق مسقوفة وخانات للنقل والتجارة.
  • العمران شمل سور القدس العثماني وأبوابه، القلعة، السرايا، والاهتمام بالأماكن الدينية المسيحية بالصيانة والترخيص.
  • التعليم نشط عبر أكثر من 50 مدرسة، ثم مدارس رشيدية/إعدادية وتكايا وزوايا ورباطات لاستقبال الطلاب والمتعبدين.

الوحدة السادسة: القدس من الاحتلال البريطاني حتى الآن

جدول المحتويات

  • 1.1 المقدمة
  • 1.1 التمهيد
  • 2.1 مخرجات التعلم
  • 3.1 أقسام الوحدة
  • 4.1 خريطة الوحدة المفاهيمية
  • 2. الاحتلال البريطاني
  • 2.1 وصول الجيش البريطاني
  • 2.2 سياسة الانتداب البريطاني
  • 2.3 المجلس الإسلامي الأعلى
  • 2.4 الثورات العربية والفلسطينية
  • 3. القدس بعد الاحتلال الإسرائيلي عام 1967م
  • 3.1 ضم القدس
  • 3.2 هدم حارة المغاربة
  • 3.3 القدس عاصمة أبدية لإسرائيل
  • 4. الإجراءات الإسرائيلية بحق القدس
  • 4.1 الضرائب
  • 4.2 القوانين الجائرة
  • 4.3 التهجير والترحيل
  • 4.4 حرق المسجد الأقصى
  • 4.5 اتفاقية كامب ديفيد
  • 5. الاستيطان الصهيوني في القدس
  • 5.1 إقامة المستوطنات
  • 5.2 آثار الاستيطان
  • 5.3 الإعمار الهاشمي
  • 5.4 حفريات المسجد الأقصى
  • 6. الخلاصة
  • 7. قائمة المصادر والمراجع

1.1 المقدمة

1.1 التمهيد

تتناول هذه الوحدة دخول القدس في ظل الاحتلال البريطاني وما ولّده من حكم عسكري وإدارة مدنية، وأوضاع مدينة القدس البائسة في ظل الاحتلال الإسرائيلي الجاثم عليها منذ عام 1967م وإلى يومنا هذا.

2.1 مخرجات التعلم

بعد الانتهاء من دراسة هذه الوحدة ستكون قادراً على أن:

  1. تتبع سياسات الانتداب البريطاني في القدس.
  2. تناقش دور الحركة الوطنية الفلسطينية في الدفاع عن القدس.
  3. تناقش أساليب الحركة الصهيونية في تهويد القدس.
  4. تتحدث عن محاولات الصهيونية للنيل من المسجد الأقصى المبارك.

2. الاحتلال البريطاني

2.1 وصول الجيش البريطاني

استطاع الجيش البريطاني أن يتقدم نحو القدس عبر بوابتها يافا، وبدأ الاحتلال البريطاني وتم فتح الهجرة اليهودية بغية تهويد المدينة، وقامت العديد من الثورات الفلسطينية.

وصول الجيش البريطاني كانت الحرب العالمية الأولى لحظة مفصلية في رسم وجه العالم، حيث بدأ احتلال بريطانيا للقدس في إطار هذه الحرب وذلك في 9 ديسمبر 1917م، حيث استمر هذا الاحتلال حتى 15 مايو 1948م.

وكانت آخر حرب بين العثمانيين والبريطانيين والتي حسمت أمر القدس هي معركة غزة، حيث استطاع الجيش البريطاني أن يتقدم نحو القدس عبر بوابتها يافا، وقد وصلها الجيش البريطاني وهي مستسلمة، وبدوره سليم أفندي الحسيني رئيس بلدية القدس سلم القائد البريطاني ألنبي وثيقة التسليم، حيث كان القرار من متصرف المدينة بعد مشاورة الأعيان في القدس بالتسليم حرصاً على سلامة الأماكن المقدسة فيها، ومما يجدر ذكره هنا أن الجيش العثماني خسر 25 ألف جندي في معارك على تخوم القدس فضلاً عن 12 ألف أسير.

وبعد أن أحكمت بريطانيا سيطرتها على فلسطين وفي ظلها للمشروع الصهيوني كان لزاماً على عرب فلسطين أن يواجهوا أنفسهم بعد أن تبينت لهم مشاريع وعد بلفور وتطلعاتهم لاختلاف الإنجليز لهم، فشكلوا الجمعية الإسلامية للدفاع عن حقوقهم وعملوا على عقد المؤتمر الفلسطيني الأول للرد على المؤتمر الصهيوني الذي عقد في مدينة يافا بعد الاحتلال البريطاني بشهر واحد، كما أعدوا مذكرة مؤتمر الصلح في باريس 1919م، فضلاً عن القيام بالمسيرات والمظاهرات الرافضة لهذه المشاريع من جهة ودعماً لترشيح فيصل بن الحسين ملكاً على سوريا من جهة أخرى.

2.2 سياسة الانتداب البريطاني

  • فتح الهجرة اليهودية بغية تهويد المدينة، فيعد أن كان عددهم أيام العثمانيين 10000 مستوطن أصبحوا في عام 1922م ما يقرب من 33 ألف مستوطن.
  • الدعم الاقتصادي والاجتماعي والسياسي لليهود.
  • اعتماد سياسة "فرق تسد" وزرع الخلافات بين الفلسطينيين أنفسهم.
  • تسهيل شراء الأراضي وبناء المستوطنات.
  • قمع الحركة الوطنية الفلسطينية والوقوف إلى جانب اليهود في مختلف المناسبات والأحداث.
  • إقامة المؤسسات الرئيسية للحركة الصهيونية في القدس ومن بينها الجامعة العبرية.

هل تعلم أن ساعة "Big Ben" في بريطانيا ورمزها الوطني تعمل بمحرك فلسطيني عثماني مسروق؟

ساعة القدس الدقاقة المهيبة الموجودة اليوم في لندن بعد أن كانت ترتفع بالمئذنة في القدس وتطلق أجراسها في كل ساعة، إلا أن الجيش الذي أمر بتفكيكها ونقلها ووضعها في متحف لندن عام 1922م وتم نقل محرك الساعة إلى ساعة بيغ بين.

شيد العثمانيون برج الساعة فوق المئذنة بجوار القلعة على بناء مرتفع بلغ ارتفاعه 13 متراً، واستغرق بناؤه سبع سنوات وتم الفراغ منه في ذكرى اليوبيل الفضي لجلوس السلطان عبد الحميد الثاني على عرش الخلافة عام 1909م. وبلغت تكاليف إنشائه 20 ألف فرنك فرنسي، وكان يمثل تحفة معمارية تستقبل القادمين إلى المدينة من جهة يافا والخليل، وكان يشمل أربع ساعات يراها السكان من مختلف الجهات.

وحال سقوط فلسطين تحت الحكم البريطاني أصدرت جمعية طائفة القدس اليهودية قراراً بإزالة برج الساعة عام 1922م، تارة بحجة شبيهها ومناسبتها لساعة "بيغ بين" اللندنية، وتارة بحجة بشاعة البرج، بينما كان الهدف الحقيقي إزالة ذكر السلطان من أذهان السكان ومحاولة مسح ما يمكن من الذكريات العثمانية، وقد أُجِل تنفيذ ذلك القرار، إلى أن سرت شائعة بأن ستورس الحكم العسكري أمر عنه بسبب اعتراض مصطفى كمال أتاتورك باعتباره من الآثار العثمانية. لكن ستورس نقل الساعة ونصابها على برج صغير نُصب على الساحة المقابلة لبداية القدس خارج الباب الجديد. وبحجة أنها لم تكن ذات منظر جميل وبهذه الحجة أمر ستورس بهدم البرج ونقل الساعة بحجة نقلها إلى المتحف البريطاني حيث تم تفكيك المحرك وتركيبه ليصبح قلب ساعة "بيغ بين" رمز بريطانيا الشهير.

2.3 المجلس الإسلامي الأعلى

تم تشكيل هذا المجلس في بداية الأمر للإشراف على الشؤون الإسلامية في فلسطين وكان برئاسة الحاج أمين الحسيني، ومن ثم أصبح هذا الجسم القانوني المنبر لقيادة الحركة الوطنية حتى نهاية الانتداب البريطاني، وقد اعترفت به العديد من الدول من بينها الدولة العثمانية، وتم بناء مقر له قرب المئذنة، واستمر هذا البناء قائماً حتى عام 2007م عندما قامت إسرائيل بهدمه بشكل كامل.

2.4 الثورات العربية والفلسطينية

ثورة البراق 1929م: تعد ثورة البراق من أهم الثورات التي قام بها الفلسطينيون في التاريخ المعاصر لما لها من أبعاد خطيرة على المشروع الوطني الفلسطيني، حائط البراق هو الجدار الغربي لسور المسجد الأقصى جهة باب المغاربة، حيث يدعي وباستمرار اليهود بأن لهم معتقدات دينية فيه، وقد استمروا طوال العصور السابقة في محاولاتهم للسيطرة على هذا المكان حتى كان لهم ذلك في حرب عام 1967م وعندما هدم الصهاينة حارة المغاربة لإحداث توسعة في ساحة البراق الذي يسميه الصهاينة حائط المبكى، يذكر أن حائط البراق كان وما زال جزءاً من وقف المغاربة المعروف بوقف أبي مدين الغوث.

وقد نتج عن هذه الثورة إصابة 1000 شخص بين شهيد وجريح، معظمهم كانت إصابتهم على يد الشرطة والجيش البريطاني، كما حكم على 23 عربي بالسجن المؤبد وعلى 187 أحكام متفاوتة، كما أعدم 3 شهداء في سجن عكا وهم: محمد جمجوم وفؤاد حجازي وعطا الزير.

المؤتمر الإسلامي العام 1931م في القدس: بعد الأحداث الصعبة التي مرت بها فلسطين قام الحاج أمين الحسيني بالدعوة لعقد هذا المؤتمر في ذكرى الإسراء والمعراج وقد حضره العديد من الدول العربية والإسلامية وكان من أهم قراراته إنشاء جامعة إسلامية باسم جامعة المسجد الأقصى تعيد للمسجد ريادته العلمية ومن ثم التصدي للثقافة اليهودية مع إنشاء الجامعة العبرية في عام 1925م. ومن توصيات هذا المؤتمر أيضاً مقاطعة المنتجات اليهودية وإعادة تشغيل خط سكة الحديد الحجاز فضلاً عن إنشاء شركة زراعية لإنقاذ الأراضي المهددة بالشراء.

مؤتمر علماء فلسطين 1935م: ومن سلسلة النشاطات والفعاليات الهادفة التي قام بها الحاج أمين الحسيني عقد المؤتمرات فكان مؤتمر علماء الدين في فلسطين، حيث حضر 400 شخصية فلسطينية للتباحث في أمور فلسطين وكان من أهم قراراته:

  • إصدار الفتاوى التي تحرم بيع الأراضي لليهود، وأن من يرتكب هذه الأعمال خارج عن الدين ولا يكفل ولا يصل عليه ولا يدفن في مقابر المسلمين.
  • حث الحكومة البريطانية على وقف الهجرة اليهودية.
  • مساعدة كل من يرغب في وقف أرضه وقفاً خيرياً أو ذرياً لحمايتها من الصهيونية.
  • مناشدة العالم الإسلامي لمساعدة أهل فلسطين.

الثورة الفلسطينية الكبرى عام 1936م: لقد أيقن عرب فلسطين في ظل السياسة البريطانية الهادفة لتهويد فلسطين أنه لا بد من الثورة على هذه الإجراءات. فكان الإضراب العام الذي يعد أطول إضراب في التاريخ والذي استمر لمدة 6 شهور، حيث شكلت الفرق والكتائب العسكرية التي أصبح لها هيبة في مختلف بقاع فلسطين، وبدورها بريطانيا استعملت كل الوسائل لكبح جماح هذه الثورة لكن دون جدوى، بعد ذلك ألجأت إلى المهادئة والمماطلة لإخماد الثورة، حيث طلبت من ملوك العرب دعوة عرب فلسطين لإخماد الثورة، وبالفعل كان لها ذلك حيث وجه الملوك رسالة إلى أهل فلسطين بيدعونهم فيها إلى وضع السلاح جانباً؛ حقناً للدماء، وأن بريطانيا سوف تنظر بعين الود لحالتهم، وأنهم سوف يواصلوا جهودهم في دعم المشروع الفلسطيني في جميع المحافل.

بدورها قامت بريطانيا بتشكيل لجنة عرفت بلجنة (بيل) للتحقيق في أسباب هذه الثورة وقد خلصت إلى توصيات مفادها تقسيم فلسطين إلى ثلاثة أقسام هي: دولة عربية وأخرى يهودية والقسم الثالث منطقة الانتداب والتي تشمل القدس وبيت لحم.

قرار التقسيم 1947م: تقسيم فلسطين هو الاسم الذي أطلق على قرار الجمعية العامة التابعة لهيئة الأمم المتحدة رقم 181 والذي أصدر بتاريخ 27/11/1947م بعد التصويت 33 مع 10 ضد، 13 ممتنع، والذي يقر خطة تقسيم فلسطين القاضية بإنهاء الانتداب البريطاني على فلسطين وتقسيم أراضيها إلى 3 كيانات جديدة، كالتالي:

  • دولة عربية: تبلغ مساحتها حوالي 4,300 ميل مربع (11,000 كم²) وتقع على الجليل الغربي، ومدينة عكا، والضفة الغربية، والساحل الجنوبي الممتد من شمال مدينة أسدود وجنوباً حتى رفح، مع جزء من الصحراء على طول الشريط الحدودي مع مصر.
  • دولة يهودية: تبلغ مساحتها حوالي 5,700 ميل مربع (15,000 كم²) على السهل الساحلي من حيفا وحتى جنوب تل أبيب، والجليل الشرقي بما في ذلك بحيرة طبريا وإصبع الجليل، والنقب بما في ذلك أم الرشراش أو ما يعرف بإيلات حالياً.
  • القدس وبيت لحم والأراضي المجاورة، تحت وصاية دولية.

قرار التقسيم ودور كتائب الجهاد المقدس في الدفاع عن القدس: كما هو معروف فقد صدر قرار تقسيم فلسطين عن الأمم المتحدة في سنة 1947م والذي نص على تقسيم فلسطين إلى ثلاثة مناطق: الأولى دولة عربية والثانية دولة يهودية والثالثة منطقة الانتداب والتي جاء فيها تحديد مصير القدس حيث تم وضع القدس وبيت لحم والناصرة وطرطوس. كان من نتائج هذا القرار تشكيل كتائب الجهاد المقدس التي أخذت على عاتقها الدفاع عن القدس حيث قامت بعمليات نوعية في القدس ومحيطها بغية إفشال المنظمات الرامية لتنفيذ قرار التقسيم ومنها نسف مقر الوكالة اليهودية في القدس، وتقطيع طريق القدس-يافا فضلاً عن فرض حصار على المستوطنات اليهودية الواقعة إلى الغرب من المدينة.

القدس في العهد الهاشمي ووحدة الضفتين: لقد نتج عن حرب عام 1948م قيام إسرائيل على معظم أرض فلسطين، باستثناء غزة التي آلت للجانب المصري في حين آلت الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية إلى المملكة الأردنية الهاشمية سنة 1950م. وبناءً على قرار الضم أصبحت القدس العاصمة الروحية الأولى للمملكة الأردنية، وقد تكرمت الإرادة الملكية بترقية مجلسها البلدي في عام 1959م إلى أمانة أسوة بالعاصمة عمان، كما وسعت الخارطة الهيكلية حتى المطار الدولي المعروف بمطار قلنديا، وإنشاء محطة الإذاعة وبناء القصر الملكي في رام الله واستمر مشروع الوحدة حتى عام 1988م حيث صدر قرار فك الارتباط القانوني والإداري مع الضفة الغربية.

وعلى الرغم من سيطرة إسرائيل على معظم أراضي القدس عام 1948م إلا أنه كان يراودها الأمل في السيطرة على جزئها الشرقي فوضعت خطة لذلك ونفذت في عام 1967م حيث تم الاستيلاء عليها بشكل كامل وأصبحت القدس جميعها بيد إسرائيل.

3. القدس بعد الاحتلال الإسرائيلي عام 1967م

3.1 ضم القدس

بعد أن دخل الجيش الإسرائيلي إلى القدس الشرقية بدأ في فرض القوانين الإسرائيلية عليها، لكن أعيان القدس تنادوا إلى تشكيل لجنة لحماية وإدارة الشؤون الدينية لا سيما في المسجد الأقصى وهي الهيئة الإسلامية العليا وقد ترأسها الشيخ عبد الحميد السائح حيث قامت إسرائيل بإبعاده عن القدس بعد يوم واحد من تكليفه بهذا المنصب ثم استلم مكانه الشيخ حلمي المحتسب ومن بعده الشيخ سعد الدين العلمي.

3.2 هدم حارة المغاربة

كان أهم حدث بعد الاحتلال للقدس ما قامت به الآلة الصهيونية من مسح لحي المغاربة بالكامل عن الوجود، فقد طالب حاكم إسرائيل من متولي وقف المغاربة إخلاء المسجد والزاوية المغاربة الملاصقة تماماً لسور المسجد الأقصى، ثم تم هدم الحي كاملاً وكان الهدف توسعة الساحة أمام حائط البراق تلك الحائط الذي كان مدار صراع طويل ومرير دام لقرون عديدة، وقد أدى ذلك إلى تهجير أكثر من 650 فلسطيني من القدس عامة وحارة المغاربة خاصة، تلا ذلك هدم 135 منزلاً، والجدير بالذكر أن معظم هذه الممتلكات وقف إسلامي، لكن إسرائيل لم تعبأ بهذا الأمر ضاربة بعرض الحائط كل القوانين والأعراف الدولية.

3.3 القدس عاصمة أبدية لإسرائيل

تتويجاً لكل الإجراءات الهادفة لتهويد القدس كان القرار الذي صادق عليه الكنيست الإسرائيلي عام 1980م والذي كان جوهر موضوعه بأن القدس عاصمة واحدة موحدة أبدية لدولة إسرائيل وفيه مقر الحكومة والكنيست.

تراوحت الردود الدولية بين الرفض والمشجب لهذا الإجراء وطالب إسرائيل بالتراجع عن هذا القرار، وقد توج هذا الرفض بإصدار مجلس الأمن قرار رقم 478 والذي جاء فيه أن هذا القرار مخالف للقانون الدولي وباطل قانونياً ودولياً، كما نص القرار بأن تسحب جميع الدول التي أقامت بعثاتها الدبلوماسية في القدس.

4. الإجراءات الإسرائيلية بحق القدس

4.1 الضرائب

فرضت إسرائيل ضرائب عديدة على العرب في القدس وبمعدلات عالية، هي تفوق أربع مرات ما يدفعه المستوطن الصهيوني لزيادة الضغوط على العرب وإجبارهم على مغادرة المدينة وإغلاق محالهم التجارية، ثم تقوم إسرائيل بمصادرتها مع محتوياتها وبهذه الطريقة سُلِّبت محال كثيرة للمستوطنين في القدس.

ضريبة الأملاك (الأرنونا): وهي ضريبة للسكن حيث يدفعها العرب بمبالغ عالية، وقد أدت هذه الضرائب مجتمعة إلى إغلاق كثير من المحال التجارية ومغادرة أصحابها، كما قامت إسرائيل بحبس كل من يخالف القانون أو يتأخر في الدفع، وقد انتهى الأمر ببعض التجار إلى العمل في المصانع الإسرائيلية بحثاً عن لقمة عيش لأبنائهم.

4.2 القوانين الجائرة

ومن هذه القوانين:

  1. قانون أملاك الغائبين الذي صدر عام 1967م وهو يقر بأن كل فلسطيني ترك الضفة الغربية بعد حرب 1967م حيث قامت إسرائيل بمسح السكان بعد الاحتلال وكل من لم يحضر بعد في عداد الغائب، وقد حولت أملاكهم إلى "أملاك الغائبين".
  2. قانون التعويضات: وهي القوانين التي تقضي بتعويض السكان العرب عن الممتلكات التي تم مصادرتها سواء أكانت عقاراً أو أرضاً.
  3. قانون أراضي الدولة المسجلة: حيث كانت تعتبر أرض الضفة غير مسجلة إذا لم تشملها عملية تسجيل الأراضي التي قامت بها الحكومة الأردنية، فهدفها إسرائيل "أرض دولة" وهي الأرض الموات والأرض الأميرية والأرض المتروكة.
  4. ومن القوانين الأخرى قانون مزاولة العمل، وأصدرت قوانين برمجة التعليم في القدس، وقانون سحب الهويات وغيرها من القوانين السياسية والاجتماعية التي تحد من الوجود العربي في القدس ومحيطها.

4.3 التهجير والترحيل

التهجير وسياسة الترحيل (الترانسفر) Transfer

  • تعد سياسة تهجير العرب من القدس إحدى الوسائل المعتمدة لدى إسرائيل وذلك من أجل إيجاد واقع جديد يكون فيه اليهود النسبة الغالبة في القدس وقد وضعت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة مخططات من أجل ذلك، حيث ظهرت من خلال التصريحات التي أعلنها شارون بمناسبة ذكرى 38 احتلال القدس الشرقية.
  • كذلك ما أعلنه شمعون بيريز بضرورة التهجير الجماعي للفلسطينيين من القدس، مخالفاً بذلك صارخاً لحقوق الإنسان والقوانين الدولية.
  • يذكر أن إسرائيل كانت تعمد باستمرار إلى نزع بطاقات الإقامة من المواطنين العرب في القدس، فطلبت من كل الفلسطينيين إثبات إقامتهم بانتظام وكل من يخالف تنزع منه الإقامة.

4.4 حرق المسجد الأقصى

حرق المسجد الأقصى 1969م

إذا كان المسجد الأقصى رمز الوجود العربي في القدس فمن الطبيعي أن يشهد تهديدات ودعوات لحرقه وذلك في ضوء السياسات الإسرائيلية التهويدية التي سبق الحديث عنها، حيث جاء اليوم الذي حقق جزءاً من رغباتهم عندما أقدم مستوطن صهيوني غادر على الدخول إلى المسجد الأقصى وإشعال النار فيه، وقد أتت النار على أجزاء كبيرة منه لا سيما منبر صلاح الدين الأيوبي، وتم استدعاء سيارات الإطفاء من بلدية رام الله والخليل في حين سيارات الإطفاء التابعة لبلدية القدس الاحتلالية كانت موجودة في المكان دون أن تكلف نفسها ضخ نقطة ماء على هذه النار، وهذا يعد إشارة واضحة على أن الحريق كان مدبراً ومعد له إعداداً خبيثاً.

وكالعادة استنكرت دول العالم هذه الجريمة التي ارتكبها الصهيوني مايكل روهان دون أن تتخذ أي إجراء فعلي، في حين ادعت إسرائيل أن روهان شخص معتوه ولهذا لم تلبث أن أطلقت سراحه، إن قائمة المجرمين طويلة، وكأن المجرمين من الصهاينة مرخصين فقط لإيذاء العرب دون اليهود؟ أو أن كل شيء يعطب في عقلهم سوى إلحاق الضرر بالفلسطينيين.

منبر صلاح الدين

هل تعلم أنه عندما انتصر صلاح الدين على الصليبيين وحرر القدس عام 1187م ثبت المنبر المصنوع من الأبنوس في المسجد الأقصى، لم يكن هو صانعه، بل سلفه نور الدين زنكي، الذي حلم بالوصول إلى القدس ولكنه توفى قبل ذلك، وحقق صلاح الدين الحلم، وعرف المنبر باسمه، ومرة أخرى يحمل المنبر الجديد، أيضاً اسم صلاح الدين الأيوبي، إكراماً له رغم أنه ليس هو صانعه أيضاً، حيث قامت المملكة الأردنية الهاشمية ببناء منبر جديد تم تركيبه عام 2007م.

4.5 اتفاقية كامب ديفيد

اتفاقية كامب ديفيد 1978م

  • عقدت هذه الاتفاقية بين إسرائيل ومصر بعد الحرب العربية الإسرائيلية عام 1973م أو ما يعرف بحرب أكتوبر.
  • أسقطت القدس من وثائق كامب ديفيد ولكن لا يعني هذا إهمال مصر للقدس حيث ظلت مكانتها كقضية عادلة موجودة حيث أقرتها العديد من المؤتمرات والقوانين الدولية لا سيما الصادرة عن مجلس الأمن.
  • يذكر أن مصر كانت تعاملت مع القدس كأرض محتلة على أن تكون مدينة لأتباع الديانات السماوية جميعاً.

5. الاستيطان الصهيوني في القدس

5.1 إقامة المستوطنات

اتبعت إسرائيل سياسة استيطانية تهدف إلى زيادة عدد اليهود وتخفيض أعداد العرب فيها وتتمثل هذه السياسات في إقامة المستوطنات في القدس الشرقية والممارسات العنصرية ضد العرب في القدس وإغلاق القدس أمام العرب من الضفة الغربية وقطاع غزة.

بنت إسرائيل بعد عام 1967م عشرات المستوطنات في القدس دون مراعاة المعاهدات والمواثيق الدولية كمعاهدة جنيف الرابعة، وشجعت اليهود وبعضهم بأكثر من 80% كما صادرت 30% من أراضي القدس الشرقية مع تخصيص 53% للمستوطنين.

ومن أجل توسيع حدود القدس ضمت إليها مستوطنات مجاورة مثل معالي أدوميم ومستوطنات عتسيوت وميشور...إلخ.

كما استمرت إسرائيل في رسم الخطط للسيطرة على أكبر قدر ممكن من أراضي القدس ففي عام 1993م تم رسم حدود جديدة للمدينة لتبلغ 600كم² وهي كبيرة إذا ما قورنت بمساحة الضفة الغربية.

مراحل إقامة المستوطنات

  • المرحلة الأولى: بدأت في عام 1968م حيث صادرت 3830 دونماً من أراضي القدس الشرقية في شعفاط وجبل المشارف والعيسوية والطور، وقامت بإنشاء مستوطنات، وقد كان الهدف منها فصل الأحياء العربية عن القدس العربية سكانياً وجغرافياً.
  • المرحلة الثانية: كانت في عام 1970م حيث صادرت إسرائيل 12280 دونماً من أراضي حزما وبيت حنينا والطور وبيت إكسا وصور باهر ورشفات والمالحة وبيت جالا وتلبيوت وذلك لتكون قد صادرت 30% من مساحة القدس الشرقية.
  • المرحلة الثالثة: في عام 1978م حيث قامت بضم سياج حول 4500 دونماً من أرض قرية العيزرية وجعلتها جزءاً من مستوطنة معالي أدوميم، و5000 دونماً من قرية أبو ديس 4400 دونماً من أرض قرية بيت حنينا وحزما وأقامت عليها مستوطنة بسجات زئيف.
  • المرحلة الرابعة: في عام 1993م حيث وصل عدد من اليهود السوفييت إلى إسرائيل، توجه الكثير منهم للسكن في مستوطنات القدس، وقد توج هذا النشاط بإقامة مستوطنة على جبل أبو غنيم القائمة على أرض بيت ساحور وقرية أم طوبا.

5.2 آثار الاستيطان

الآثار الديموغرافية: إن هدف إسرائيل من زيادة أعداد اليهود في القدس هو الهدف المنشود فعند أن كان وجودهم محدوداً في عام 1967م أصبحوا مع عام 1997م 200 ألف حيث ساوى عددهم عدد الفلسطينيين في القدس الشرقية. ولقد كان الهدف من ذلك إحباط أي محاولة للطعن في السيادة الإسرائيلية على القدس وذلك من خلال تحقيق نسبة سكان من اليهود تفوق أعداد العرب فيها، وقد جاءت الزيادة كما تعلم من خلال التهجير والطرد والإبعاد الفلسطينيين من جهة، واستجلاب اليهود من مختلف دول العالم وتشجيعهم للسكن في القدس وضواحيها.

الآثار الاجتماعية: بعد الاحتلال الإسرائيلي للقدس الشرقية منحت العرب فيها الهوية الزرقاء وهي لا تعني بأي حال من الأحوال الجنسية الإسرائيلية بل هي محصورة بحق الإقامة فقط، حيث شكلت هذه الخطوة مشكلة كبيرة للعرب لا سيما أن مكتب الداخلية يحق له سحب الهويات في أي ظروف كانت. وعلى العرب في حال أرادوا السفر إلى الخارج إصدار تصاريح لمدة 3 سنوات إذا كان نيته التوجه عبر جسر الأردن، ولمدة عام إذا كان عبر المطار، كما ترتبت على هذه الإجراءات تبعات تتعلق بالأحوال الشخصية وتسجيل المواليد والإقامة وغيرها أحدثت في مجملها مشاكل اجتماعية جمة وقعت على عاتق الإنسان الفلسطيني في القدس الشرقية.

الآثار الاقتصادية: لقد كانت السياسة الإسرائيلية تقوم على إفقار العرب في القدس، وذلك من خلال فرض الضرائب الثقيلة عليهم، كما أن سلب الأراضي لا سيما الزراعية جعل العرب دون عمل ما دفعهم للعمل في أعمال وضيعة بأجر زهيد كما أن عدم منح الرخص لعمل منشآت اقتصادية مختلفة جعل العرب في حالة من الركود الاقتصادي؛ لعدم حدوث أي تطور على أوضاعهم الاقتصادية داخل المدينة المقدسة وضواحيها.

المواقف الدولية والعربية والفلسطينية من الاستيطان:

  • استطاعت إسرائيل تأجيل وضع القدس في المفاوضات مع الجانب الفلسطيني وقد ساعد ذلك في زيادة الاستيطان في القدس.
  • على الصعيد الإسلامي تم تشكيل لجنة القدس قضية القدس في سنة 1979م برئاسة الملك الحسن، وقد قررت إرسال وفود للعالم لإطلاعهم على الحقيقة التاريخية للقدس وتعريفهم بالحق العربي الفلسطيني في القدس.
  • أما الموقف الأمريكي فهو قديم جديد داعم إسرائيل في جميع الأحوال ويقف حائلاً دون صدور أي قرارات دولية ضدها.
  • الاتحاد الأوروبي لم يوافق على ضم إسرائيل القدس أو تغيير وضعها، وقد أكد الاتحاد الأوروبي في أكثر من مؤتمر واجتماع بأن المستوطنات الإسرائيلية التي تقام على القدس الشرقية غير شرعية.

5.3 الإعمار الهاشمي

الإعمار الهاشمي للقدس في عهد جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين:

  • حظيت المقدسات الإسلامية والمسيحية في مدينة القدس بالاهتمام البالغ في عهد جلالة الملك عبد الله الثاني وأضحت جزءاً لا يتجزأ من برامج عمل الحكومات الأردنية في عهد جلالته، فقد أشار جلالته إلى ضرورة الاهتمام بها والعناية بمرافقها والتعهد بمقوماتها في كتب التكليف السامي للحكومات التي تشكلت حتى الآن في عهد جلالته.
  • نال المسجد الأقصى في عهد جلالة الملك عبد الله الثاني اهتماماً كبيراً، إذ جدد جلالته بذلك استمرارية هاشمية في رعاية مدينة القدس ومقدساتها لما لها من مكانة ومكان في سائر الديانات السماوية.
  • ويمكن القول إن عمليات الإعمار الهاشمي أراد لها في عهد جلالة الملك عبد الله الثاني أن تتحول إلى إطار مؤسسي. وتشمل ذلك النهج بتشكيل لجنة إعمار المسجد الأقصى المبارك وقبة الصخرة المشرفة بموجب القانون الأردني رقم 32 لسنة 1954م وهدفها المحافظة على المقدسات والمعالم الإسلامية لتبقى قائمة بهيئتها وجمالها ومعمارها.
  • أولت اللجنة اهتماماً بالمسجد الأقصى المبارك وما يشتمل عليه من مسجد وقباب ومحاريب وربط ومساطب وغيرها من المعالم الحضارية، وقامت بشكل متواصل بترميمه وتوسيع هذه المعالم، وأزالت آثار الحريق الذي اجتاح أكثر من ثلث مساحة المسجد، بالإضافة إلى إعمار مسجد قبة الصخرة المشرفة، وفضلت مشاريع الإعمار في المسجد الأقصى في عهد جلالة الملك عبد الله الثاني ما يأتي: «منبر صلاح الدين في المسجد الأقصى وتوسيع السور الجنوبي والشمالي للمسجد الأقصى، مشروع نظام قضبان الشد والربط لجدران المصلى المرواني فضلاً عن تأهيل البنية التحتية في المسجد الأقصى، وتوسيع قبة الصخرة ومهد سيدنا عيسى الذي يقع في الزاوية الجنوبية الشرقية من المصلى المرواني داخل المسجد الأقصى».
  • كان آخر الإنجازات الهاشمية الجليلة انتزاع حق الرقابة لكل زائر المسجد الأقصى من خلال تركيب كاميرات مراقبة متطورة تشرف عليها الحكومة الأردنية بإرادة ملكية سامية، وقد جاء هذا التطور بعد أن تصاعدت حملات الاعتداءات والاقتحامات للمسجد الأقصى خلال عام 2015م والتي ترمي في محاولة فرض أمر واقع جديد في المسجد الأقصى عبر تقسيمه زمانياً ثم مكانياً، لقد كانت هذه الأعمال أحد أهم الأسباب التي دفعت الفلسطينيين لأن يهبوا دفاعاً عن المسجد الأقصى والوقوف بوجه تلك المشاريع الصهيونية التي تهدد المسجد الشريف بشكل مباشر.

5.4 حفريات المسجد الأقصى

الحفريات تحت المسجد الأقصى:

ما أن احتلت إسرائيل القدس حتى بدأت بعمل الحفريات الأثرية أسفل المسجد الأقصى والتي كانت تهدف منها إثبات الحق التاريخي لهم في هذا المكان، وقد زار وفد من الهيئة الإسلامية فريق الحفر في عام 1968م الذي كان بقيادة بنيامين مازار وقد رفع الوفد احتجاجه على ذلك، حيث أنه يضر بأساسات المسجد الأقصى ويخالف القرارات الدولية بشأن وضع القدس.

كما أجرت إسرائيل حفريات أسفل المدرسة التنكزية في الجهة الغربية من الحرم القدسي وقد تبين بعد الكشف على المكان أن اليهود أقاموا في الواقع كنيساً.

ولقد بذلت إسرائيل كل الجهود واستخدمت كل الطاقات الفنية والعلمية وسخرت إمكاناتها المادية لهذه الحفريات التي استمرت عقود طويلة، حيث حفرت في جميع الأماكن والمواقع بما فيها أسفل المسجد الأقصى وقبة الصخرة وذلك بهدف العثور على الهيكل الزعوم من خلال إلحاق الضرر بأساسات المباني الدينية والسكنية ذات البعد العربي الإسلامي، لكن جميع هذه الجهود لم تصل إلى أي نتيجة أو أي دليل يشير إلى ما كان يرجوه الصهاينة من نتائج مأمولة لا سيما آثار الهيكل الزعوم.

6. الخلاصة

لقد تناولنا أعزائي الطلبة في هذه الوحدة الحديث عن أوضاع القدس خلال فترة الاحتلال البريطاني لها، مروراً في مرحلة الانتداب الذي أوكلته به بريطانيا من خلال قرار عصبة الأمم آنذاك، وكما هو معروف نفذ الانتداب سياسة ممنهجة في القدس خاصة وفي فلسطين عامة تهدف إلى خلق واقع يجعل من قيام دولة يهودية على أرض فلسطين أمراً قابلاً للحياة. وبدورها الجماهير العربية في فلسطين مارست كل أنواع المقاومة الشعبية السلمية منها والعسكرية لإنقاذ هذه السياسات، ولكن ما حصل أنه بعد نهاية الحرب العالمية الثانية صدر قرار التقسيم الفلسطيني رقم 181، ومن ثم اندلعت الحرب العربية الصهيونية والتي أدت إلى تقويض الكيان الفلسطيني بقيام دولة إسرائيل.

وفي القسم الثاني من هذه الوحدة تناولنا استكمال احتلال القدس في حرب 1967م، ومن ثم بدأ فرض السياسات التهويدية بحقها لتحويلها مدينة يهودية، كما شرعت بتوسيع حدودها الاستيطانية، فضلاً عن صدور قرار القدس عاصمة أبدية لإسرائيل، ومن ثم أشرنا في نهاية هذه الوحدة إلى الإعمار الهاشمي فيها ولا يفوتنا الحديث عن أهداف الحفريات الإسرائيلية في القدس والآثار المترتبة عليها.

7. قائمة المصادر والمراجع

  • جامعة القدس المفتوحة، تاريخ القدس، فلسطين، 2016م.

ملخص الوحدة السادسة

  • الاحتلال البريطاني بدأ 1917م فاتحاً باب الهجرة الصهيونية وداعماً مؤسساتها مع قمع الحركة الوطنية الفلسطينية.
  • الثورات الفلسطينية (ثورة البراق، الإضراب العام 1936م، مؤتمر العلماء) واجهت سياسات الانتداب والتقسيم.
  • قرار التقسيم 1947م مهّد لاحتلال أغلب فلسطين ثم وحدة الضفتين 1950م قبل فقدان القدس الشرقية في 1967م.
  • الإجراءات الإسرائيلية بعد 1967م شملت ضم القدس، هدم حارة المغاربة، الضرائب، قوانين المصادرة، والتهجير.
  • الاستيطان توسع بمراحل، مقابل إعمار هاشمي متواصل للحرم وتمسك عربي/دولي برفض شرعية الضم والاستيطان.